المطران بيتسابالا: "لا ينبغي لنا اعتبار القربان الأقدس عنصرًا سحريًا، فالاتحاد مع المسيح لا يلغي كوننا بشرًا"

 
 
القدس - نتيجة للانتشار الواسع لفيروس كورونا الجديد حول العالم، والذي لم تسلم منه الأراضي المقدسة أيضًا، وكوسيلة لتجنب الإصابة بهذا الفيروس وانتشاره، أصدر رئيس الأساقفة المطران بييرباتيستا بيتسابالا، المدبر الرسولي للبطريركية اللاتينية، رسالة تتضمن إرشادات وقائية ليتم اتباعها خلال الاحتفال بالقداس. وقد اتخذت الأبرشيات الكاثوليكية حول العالم خطوة مشابهة في محاولة منها احتواء انتشار الفيروس. وعلى الرغم من ذلك، تعرضت الكنيسة لبعض الانتقادات تجاه هذه القرارات. يأمل المكتب الإعلامي للبطريركية اللاتينية من خلال هذه المقابلة مع المطران بيتسابالا، الإجابة عن استفسارات البعض وتوضيح بعض الافتراضات التي بدرت منهم.
 
١. يعتقد البعض بأن القربان الأقدس، الذي هو جسد المسيح ودمه الأقدسين، يملك حصانة سحرية ضد فيروس كورونا. هل لهذا الكلام أية مصداقية؟
 
بالطبع لا! 
 
إن الاحتفال بالافخارستيا والقربان الأقدس هو أسمى احتفال بالنسبة لنا نحن المسيحيون، والطريقة الأقوى لنتحد فيها مع المسيح، ومن هنا نكتسب قوتنا الروحية والبشرية. ولا شك بأنه ليس بالإمكان العيش من دون الافخارستيا، ومع ذلك، لا ينبغي لنا اعتبارها عنصرًا سحريًا، فالاتحاد مع المسيح لا يلغي كوننا بشرًا بأي شكل من أشكالها، بما في ذلك أوجه ضعفنا. فكيف نفسر مثلًا عدم شفاء القربان الأقدس للمرضى؟ فكما سبق وأوضحت، يمنحنا القربان القوة والراحة، إلا أنه مع ذلك لا يلغي صفتنا البشرية. وفي الأسرار ننال نعمة الله ولكننا نظل بشرًا. الله كلّفنا بالحياة على هذه الأرض، بما يعني بأن علينا أن نعمل كي نجعل من عالمنا عالمًا أفضل وأكثر أمانًا، من خلال نعمة الله التي تمنحنا إياها الافخارستيا. 
 
 باختصار، يجعلنا القربان الأقدس، أي جسد المسيح ودمه الأقدسين، أقوى بإيماننا وحياتنا، ولكنه لا يعطينا مناعةً ضد صفاتنا البشرية بتاتًا، بما في ذلك المرض. ليس بوسعي فهم الجدل الذي يدور حول هذه القضية أبدًا.
 
من الضروري أن أوضح أن الإرشادات التي قدمتها محدودة جدًا، الأمر الذي أغضب الكثيرين، فيما غضب البعض الآخر جراء محدوديتها أصلًا. في أقطاب أخرى من العالم، منعت الكنيسة الاحتفالات العامة بالقداديس، وتبادل سلام المسيح وجميع الأنشطة العامة والجمعيات وغيرها.
 
علينا ألا ننسى بأننا نستقبل ملايين الحجاج في كنائسنا، على الأرجح أن تشهد أعدادهم انخفاضًا هائلًا في الأسابيع المقبلة، ومع ذلك علينا أن نتصرف بحكمة، فنحن لا نعرف هؤلاء الحجاج أو المناطق التي جاءوا منها، فهم يلتقون بجماعاتنا ويشاركوننا الاحتفالات بالقداس في كنائسنا، مما يجعل من توقع تحركاتهم أمرًا مستحيلًا. لهذا تطلب السلطات منا التصرف بحكمة، فإن تجاهلنا نشر الحذر، سيكون ذلك تصرفًا غير مسؤولٍ من جانبنا.
 
٢. ما الطريقة التي ترى الكنيسة بأنها الأمثل لتناول القربان الأقدس؟ هل يفضل تناول القربان بالأيدي أو اللسان؟
 
لا توجد تعليمات موحدة حول هذا الشأن في الكنيسة الكاثوليكية، إذ تحدد كل كنيسة ذلك بما يتفق مع ثقافتها وتقاليدها. وفي كنيستنا، اعتدنا تناول القربان الأقدس بواسطة اللسان، وستعود الأمور إلى سابق عهدها بعد انتهاء هذه الأزمة، إذ لا داعي لتغيير ذلك.
 
٣. ماذا تقول للأشخاص الذين يقولون أن تغيير الممارسة الليتورجية لتناول القربان الأقدس بواسطة اللسان هو دليل على قلة الإيمان، على الرغم من شروع ذلك في حالات خاصة، بما في ذلك انتشار الفيروسات؟
 
توجد في متحف حراسة الأرض المقدسة حتى يومنا هذا، كماشات (انظر إلى الصورة أدناه) اعتاد الكهنة استخدامها في فترات انتشار الأوبئة حتى يتمكنوا من منح القربان الأقدس لضحايا الطاعون. هل يشير ذلك إلى نقص في الإيمان؟ بالطبع لا، فقد كان ذلك تصرفًا حكيمًا لتجنب نشر العدوى إلى الآخرين. فالإيمان لا يُغني عن المنطق، والله منحنا عقلًا حتى نستخدمه ونطوره بذكاء، للحفاظ على حياتنا وحياة الآخرين من حولنا، والتي كلفنا الله بها أيضًا. إن استخدام ذكائنا لا يعادي الإيمان، فالإيمان من دون منطق كالروح من دون جسد، ونحن بحاجة إلى كليهما.
 
٤. ما الطريقة المثلى لتناول القربان الأقدس باليد؟ هل على المؤمن تناوله باليد اليمنى أو اليسرى؟ وهل ينبغي عليه التقاطه باليد الأخرى أم وضعه مباشرةً في الفم؟
 
نعم، هذه هي الطريقة المثلى. إذ يضع الكاهن القربان في اليد، ليأخذها المؤمن باليد الأخرى ويضعه في فمه.
 
٥. توضح الإرشادات الوقائية المنشورة ضرورة تناول القربان باليد وتفادي تناول الدم المقدس من الكأس، وتجنب وضع الماء المقدس على أبواب الكنائس. ماذا عن تبادل سلام المسيح؟
 
سبق وناقشنا هذا الموضوع، فالوضع يتغير بسرعة فائقة، كما أن الفيروس معدٍ بدرجة كبيرة، لذلك تجدد السلطات تعليماتها كل يوم. سنرى كيف يتطور الوضع في منطقتنا، وبالتالي نُحدّث التعليمات التي قمنا بإصدارها بناءً على ذلك.
 
٦. مع اقتراب الأسبوع المقدس الشهر المقبل، ما هو هاجس الكنيسة؟ وكيف تنوي التعامل مع هذه الفترة في ظل انتشار الفيروس؟
 
بالطبع نعتبر هذا سببًا للقلق، ولكننا ننتظر لنرى كيف سيتطور الوضع. فمن المبكر جدًا اتخاذ أي قرار الآن، لأن وضع بلادنا أفضل من وضع بعض البلاد الأخرى، وأنا آمل بألا تقتضي الحاجة اتخاذ تدابير خاصة، ولكننا مع ذلك سنتابع تطور الأمور يومًا بعد يوم، ونتدارك الأمر قبل التوصل إلى أية قرارات.