حياة القديس يوسف المستترة
حياة القديس يوسف المستترةقد يكون من المستغرب أن لا نعرف إلاَّ القليل القليل عن القسم الأكبر من حياة القديس يوسف، عن تلك السنين الطويلة التي عاشها مع يسوع ومريم في الناصرة. فالمعلومات الوحيدة التي ذكرها لوقا الإنجيلي هي الآيتان التاليتان:" ثمَّ نزل يسوع معهما، وعاد إلى الناصرة، وكان طائعاً لهما، (... ) وكان يتسامى في الحكمة والقامة والخطوة عند الله والناس" ( لو 2/51-52).
طالما حاول الكتّاب والوعَّاظ أن يبرروا هذه الحياة المستترة. وعبثاً شرحوا أنها فترة استعدادية لعمل يسوع الرسولي العلني، وأن المسيح أراد ان يكون قدوة للذين يعيشون حياة يومية روتينية ومجهولة. في رأينا، ليس هذا هو السبب الأهم، بل هو إرادة الآب. ولذلك فإن الطاعة لله يجب أن تكون قاعدة حياتنا، وليس هناك أمر أهم.
ومن جهة أخرى، وخلافاً لوضع يسوع، فلو تمتع يوسف، "أبو يسوع الناصري"، بشهرة زائدة، لعرَّض للخطر والالتباس أصل "ابن الآب السماوي". فكان على يوسف أن يبقى خادماً مغموراً لسر التجسد.
سبق لنا أن قلنا إنّ القديس يوسف كان حامي العائلة المقدسة. فلا شكّ في أنّ هذه المهمة هي التي دفعت رؤساء الكنيسة ، على مرّ الأجيال، إلى اعتباره شفيعاً خاصاً للكنيسة الجامعة. فقد سُمي شفيعاً للعديد من فئات المسيحيين، نذكر أهمها من خلال ألقابه:" مثال العمَّال"، و "شفيع العائلات"، و "شفيع المحتضرين"، و "شفيع الفقراء"، و "شفيع المرضى"، و "شفيع المتبتّلين"، وشفيع الذين نُكبوا في ثروتهم، وشفيع الصلاة والحياة الباطنة، وشفيع أصحاب السلطة، وشفيع المنفيين، وشفيع الآباء، وشفيع الأزواج، وشفيع الكهنة والرهبان، وشفيع المسافرين.
يُعتقد عادة بأنّ القديس يوسف كان نجَّاراً، وبأنه أعال مريم ويسوع بفضل هذه المهنة. ومع ذلك، فلا بدّ أن يُقبل هذا الاعتقاد بشيء من التحفظ، لأنّ الكلمة اليونانية التي وردت في الإنجيل تعني فقط "الصانع". فلعله كان صانعاً في الحديد وفي الخشب. لكنّ أقدم الشهادات تتحدَّث عن "النجار".