البطريرك صباح يلقي محاضرة حول وثيقة "وقفة حق" في جامعة الكسليك

ألقى البطريرك اللاتيني الاسبق للقدس ميشيل صباح محاضرة حول الوثيقة التي قدمتها مجموعة من الفلسطينيين المسيحيين بعنوان "وقفة حق... كلمة إيمان ورجاء ومحبة من قلب المعاناة الفلسطينية"، بدعوة من كلية اللاهوت الحبرية في جامعة الروح القدس- الكسليك - لبنان.

واستهل المحاضر كلامه بالإشارة إلى مقدمة الوثيقة التي تتضمن صرخة أمل أطلقتها مجموعة من الفلسطينيين المسيحيين بعد الصلاة والتفكير وتبادل الرأي في المعاناة التي تعيشها على أرضها تحت الاحتلال الإسرائيلي، "صرخة أمل في غياب كل أمل، مقرونة بالصلاة والإيمان بالله الساهر بعنايته الإلهية على جميع سكان هذه الأرض".
 

واعتبر البطريرك صباح انه اليوم "وصلنا بمأساة شعبنا الفلسطيني إلى طريق مسدود، بينما يكتفي أصحاب القرار بإدارة الأزمة بدل العمل الجدي في سبيل حلها. وهذا ما يملأ قلوب المؤمنين بالأسى وبالتساؤلات: ماذا تصنع الأسرة الدولية؟ وماذا تصنع القيادات السياسية في فلسطين وإسرائيل والعالم العربي؟ وماذا تصنع الكنيسة؟ لأن القضية ليست قضية سياسية وحسب، بل هي سياسة يدمر فيها الإنسان، وهذا أمر يهم الكنيسة".
 

وانتقل البطريرك صباح إلى القسم الأول من الوثيقة الذي يتضمن وصفا شاملا لواقع المعاناة، حيث "أن الجميع يتكلم اليوم عن السلام ومسيرة السلام في الشرق الأوسط". وقال: "وما زال ذلك كله حتى الآن كلاما فقط، بينما الواقع على الأرض هو الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وحرماننا حريتنا وكل ما ينتج عن ذلك من عواقب".
 

ثم تطرق البطريرك صباح إلى القسم الثاني من الوثيقة الذي تم فيه التأكيد على الإيمان بالله الإله الصالح والعادل، فضلا عن عرض لمفهوم كلمة الله ولرسالة الأرض الكونية والشاملة، مرددا بعض المقاطع التي وردت في هذا القسم ومنها: "إن وجودنا، نحن الفلسطينيين، مسيحيين ومسلمين، على هذه الأرض ليس طارئا، بل له جذور متأصلة ومرتبطة بتاريخ وجغرافية هذه الأرض، مثل ارتباط أي شعب بأرضه التي يوجد فيها اليوم. وقد وقع في حقنا ظلم لما هجرنا".
 

وتابع: "نقول إن أي لاهوت يدعي الاستناد إلى الكتاب المقدس أو العقيدة أو التاريخ ليبرر الاحتلال إنما هو بعيد عن تعليم الكنيسة، لأنه يدعو إلى العنف والحرب المقدسة باسم الله، ويخضع الله سبحانه لمصالح بشرية آنية، ويشوه صورته في الإنسان الواقع في الوقت نفسه تحت ظلم سياسي وظلم لاهوتي".
 

وأشار إلى "أن القسم الثالث من الوثيقة يتناول موضوع الرجاء ومعناه"، وقال: "مع غياب أي بارقة أمل، يبقى رجاؤنا قويا. الوضع الراهن لا يبشر بأي حل قريب أو بنهاية الاحتلال المفروض علينا. كثرت المبادرات والمؤتمرات والزيارات والمفاوضات، إلا أن ذلك كله لم يعقبه أي تغيير في وضعنا ومعاناتنا".
 

وبعد أن تحدث البطريرك صباح عن بعض علامات الرجاء التي وردت في الوثيقة ومن أهمها صمود الأجيال واستمرار الذاكرة التي لا تنسى النكبة ومعانيها، وإيمانها بعدالة قضيتها، انتقل إلى استعراض رسالة الكنيسة "النبوية التي تعلن كلمة الله في السياق المحلي وفي الأحداث اليومية بجرأة ووداعة ومحبة شاملة...".
 

وتابع: "دعوتنا لشعبنا الفلسطيني وللإسرائيليين هي دعوة لرؤية وجه الله في كل خليقته، وتجاوز حدود الخوف أو العرق، لإقامة حوار بناء، لا للسير في مناورات لا تنتهي ولا هدف لها سوى إبقاء الحال على ما هي".
 

كما لفت إلى أن الوثيقة تتوجه أيضا إلى القيادات الفلسطينية بالقول: "إن الانقسامات الداخلية هي إضعاف لنا وسبب لمزيد من المعاناة. ولا شيء يبررها. فلا بد من وضع حد لها، وذلك من أجل الخير العام، وهو أهم من مصلحة جميع الأحزاب. وإننا نطالب الأسرة الدولية بالمساعدة على هذه الوحدة وباحترام إرادة الشعب الفلسطيني، كما يعبر عنها بحريته"، معتبرا أن القدس هي القاعدة الروحية لرؤيتنا ولحياتنا كلها، إذ هي مدينة جعل الله لها مكانة خاصة في تاريخ البشرية...".